السبت، 26 ديسمبر 2009

مفكّر أكثر من كونه فنّان



حسنا قد تبدو هذه الموناليزا لكنّها رسمت بداية القرن العشرين وهي للفنّان الفرنسي Marcel Duchamp 1887-1968 , ربّما أفضل طريقة لبدء الحديث عنه هي تناول نهايته عندما توفّي هذا الفنّان لم تتنازل إلا صحيفة فرنسيّة واحدة بنشر الخبر وبشكلٍ هامشيّ عن وفات فنّان فرنسي يعيش في أمريكا في الوقت الذي كانت أغلب الصحف الأمريكيّة تعنون الخبر في صفحتها الأولى وتعظّم قدره!,لم يجد هذا الفنّان مكانا له في فرنسا فقد كان هذا الفنّان المشاكس بأفكاره غير مقبول فيها لذلك اضطرّ للرحيل إلى الولايات المتحدة حيث وجد كلّ الاحتفاء ,كان يحمل بعض الأفكار الغريبة والشاذة فلوحته التي تشبه الموناليزا _تسمّى "الملعونة"_ والتي أضاف عليها الشاربين كانت بمثابة معارضة صريحة للفنّ الكلاسيكيّ التقليديّ وسخرية من النقّاد الذين صالوا وجالوا في تفسير هذه الابتسامة وعلى كلّ حال لم يكتفي الفنّان بالسخرية من أعظم لوحة بتاريخ الفنّ بل سخر من الفنّ نفسه بان صنع مرحاضا كقطعة فنيّة! كان يريد أن يوحي بانّ الأشياء توحي بالفنّ دون الالتفات لماهيّتها ومكوّناتها الفنّ نصّ مجسّم وهذا مافعله دوشامب كثيرا ,كان متصلّبا في رأيه كعادة أغلب الفنّانين المُحْدثين , دوشامب رسم لوحاتٍ تشبه لوحات ماتيس كما بصورة والده ورسم بطريقة تكعيبيّة متقنة بالفعل وعاد ليرسم بطريقة سيرياليّة معبّرة جميلة ومن ثمّ رسم لوحة كلاسيكيّة وأضاف عليها لمسته الساخرة وكذلك الأشكال الهندسيّة أضاف عليها لمساته لتكون قطعة فنيّة ولوحات لاتبدو كاللوحات أشياء كثيرة خاضها دوشان ليخلق منها قطعا فنيّة كلّ ذلك كان بطريقة سيرياليّة غريبة من منبع اللاوعي , بالواقع لم يكن دوشامب ذو طابع فنّي معيّن أو رائدا في مجالٍ جديد بل خاض أغلب تلك الأمور وصنع أعمالا عنها إذ أنّه على مايبدو كان أوسع من أنّ يكون رسّاما أو نحّاتا ذو طابع خاص وبصراحة أجده مفكّر فنّي وعالم فنّ يملك أعمالا فنيّة أكثر من كونه فنّانا مبدعا ولاعجب إن وصفه مؤسّس السيرياليّة أندريه بريتون بـ " منارة السيرياليّة" وأجد أن ذلك يعني أفكاره إليكم رابط لرؤية بعض أعماله هنا
عندما أشاهد أعماله لاأشعر بالارتياح لأنّها تحسّسني بشعوره الناقم لتجاهله التام في فرنسا وكأنّه كان يريد أن يثبت أنّه قادر على خوض كلّ لون ونهج ليخرج لنا بتعريف مبسّط لمعنى الفنّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق